الأربعاء، 20 يوليو 2011

محمد يعترف بلسانه انه يسجع كسجع الكهان


قال غيره‏:‏ تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام وتسمى فواصل لأنه ينفصل عنده الكلامان وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها واخذ من قوله تعالى كتاب فصلت آياته ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعًا لأن الله تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضًا لأنها منه وخاصة به في الاصطلاح وكما بمنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله تعالى فلا تتعداه‏.‏
وهل يجوز استعمال السجع في القرآن خلاف الجمهور على المنع لأن أصله من السجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها‏.‏
قال الرماني في إعجاز القرآن‏:‏ ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع وفرقوا بأن السجع هو الذي في نفسه ثم يحال المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها‏.‏
قال‏:‏ ولذلك كانت الفواصل بلاغة واسجع عيبًا‏.‏
وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم قال‏:‏ وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فصل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما‏.‏
قال‏:‏ وأقوى ما استدلوا به الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون لمكان السجع قيل في موضع هارون وموسى ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواووالنون قيل موسى وهارون‏.‏
قالوا‏:‏ وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودًا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي نسميه شعرًا وذلك القدر مما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر‏.‏وأما ما جاء في القرآن من السجع فهوكثير لا يصح أن يتفق غير مقصود إليه وبنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع فقال أهل اللغة‏:‏ هوموالاة الكلام على حد واحد‏.‏
وقال ابن دريد‏:‏ سجعت الحمامة معناه‏:‏ رددت صوتها‏.‏
قال الاضي‏:‏ وهاذا غير صحيح ولوكان القرآن سجعًا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولوكان داخلًا فيها لم يقع بذلك إعجاز‏.‏
ولوجاز ا يقال هوسجع معجز لجاز أن يقولوا شعر معجز وكيف والسجع مما كان تألفه الكهان من العرب‏.‏
ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر لأن الكهانة تنافي النبوات بخلاف الشعر‏.‏
وقد قال صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الكهان فجعله مذمومًا‏.‏
وقال‏:‏ وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو لأن السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع وليس كذلك ما اتفق مما هوفي معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعًا للمعنى‏.‏
وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه وبين أن يكون المعنى منتظمًا دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم في المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبًا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى‏.‏
قال‏:‏ وللسجع منهج محفوظ وطريق مضبوط من أخلّ به وقع الخلل في كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئًا وأنت ترى فواصل القرآن متفاوتة بعضها متداني المقاطع وبعضها يمتد حتى يتضاعف طوله عليه وترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير وهذا في السجع غير مرضي ولا محمود‏.‏
قال‏:‏ وأما ذكر من تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوي مقاطع الكلام فليس بصحيح بل القاعدة فيع إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدًا وذلك الأمر الصعب تظهر فيه الفصاحة وتتبين فيه البلاغة ولهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة تنبيهًا بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومتكررًا ولوأمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لم تؤد إلى تلك المعاني ونحوها فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع إلى أن قال‏:‏ فبان بذلك أن الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة مع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدها ولا تدخلها في باب السجع وقد بينا انهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها أربع كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزًا فلوفهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل يريد في الفصاحة على طريقة القرآن أه كلام القاضي في كتاب الإعجاز‏.‏
ونقل صاحب عروس الأفراح عنه أنه ذهب في الانتصار إلى جواز تسمية الفواص سجعًا‏.‏
وقال الخفاجي في سر الفصاحة‏:‏ قول الرماني إن السجع عيب والفواصل غلط فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وهوغير مقصود بتكلف فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهومقصود بتكلف فذلك عيب والفواصل مثله وأظن الذي دعاهم إلى تسمية جل ما في القرآن فواص ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعًا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام الروى عن الكهنة غيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه‏.‏
قال‏:‏ والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل‏.‏
قال‏:‏ فإن قيل‏:‏ إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعًا وما الوجه في ورود بعضه مسجوعًا وبعضه غير مسجوع قلنا‏:‏ إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعاداتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعًا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه لاسيما مع طول الكلام فلم يرد كله مسجوعًا جريًا منه على عرقهم في اللطافة الغالبة أوالطبقة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة‏.‏ ولقراءة المزيد أذهب للمصدر في المكتبة الأسلامية وهاهو اللنك
http://212.162.134.18/Islamlib/viewchp.asp?BID=156&CID=23

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكتب تعليقك غير مطلوب أي بيانات أو حتى أيميل