عادل مليكة
شكرا لمسلمى "قنا" فى رفضهم للمحافظ القبطي. فبفعلتهم هذه إنما فتحوا، دون قصد، ملف "كوتة" الأقباط على مصراعيه وكأنهم وهم غاضبون يقولون "لماذا تشركونا وتخصّونا بمخططاتكم؟!" ونحن نريد محافظا من "دمنا ولحمنا" وكأنهم يعترفون أن القبطى ليس منهم.
هذه هى النهاية الحتمية لأسلوب التفرقة العنصرية منذ "ثورة" الضباط الأحرار عام 1952.
إنزعاج أهل "قنا" له مبرره إذ لم يجدوا مبررا لهذا الموقف، فإعترضوا علي تعيين " ميخائيل" محافظا لهم وهو ضد رغبتهم فى تعيين محافظا من "دمهم ولحمهم"، أى محافظا مسلما.
فتمردوا على القانون بقطع السكك الحديدية و كبلوا الدولة خسائر فادحة لعلمهم بأن العواقب محسوبة وأن لهم من يناصرهم فى الوقت المناسب فى عصيانهم ضد المسيحيين، بل رفعوا أعلام السعودية فى سماء مدينة عظيمة بالمحروسة. ولم نسمع من الدولة أو من أى كاتب مفوه عن "الإستقواء بالخارج" وخرست الأقلام عن وصف هذا التصرف جنائيا.
نحن لا نلوم "مسلمى" قنا على هذا الموقف وهم يرغبون، كغيرهم، فى محافظ منهم لأنه إذا تصادف وجود محافظة بها أغلبية ساحقة للأقباط، أقول مثلا، وإذا تجرأ الاقباط فيها وتصرفوا محاكين مسلمى قنا فستنهال عليهم الأقلام بإتهامهم بإشعال "الفتنة الطائفية" وسيكون الضرب بالذخيرة الحيه وله ما يبرره فأمن الدولة خط أحمر!، كما حدث بالعمرامية.
أخيرا رضخت الدولة، فصدرالقرار من مجلس الوزراء بتجميد أعمال المحافظ الجديد لمدة 3 أشهر وتكليف سكرتير عام المحافظة ماجد عبدالكريم بالقيام بمهام المحافظ.
قال أحد رؤساء القبائل إن رئيس الوزراء حقق المطلب الرئيسي لشعب قنا "وهو عدم دخول المحافظ عنوة إلي المحافظة". هذا منطق غيرمقبول وملتوى فلو كان المحافظ مسلما سيكوم دخوله أيضا عنوة.
ويقول السيد أيمن نور أن لواء البوليس هذا "ميخائيل" إشترك فى تعذيبه أثتاء إعتقاله، فهل بحث سيادته فى خلفية بقية المحافظين الأخر.
ويبرر السيد خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع أن لمسلمى قنا الحق فى الإطاحة بالمحافظ بعد أن أطاح الشعب برئيس الجمهورية. الإطاحة برئيس الجمهوري كان للفساد والظلم، فهل هذا هو الإتهام الموجه للسيد "ميخائيل" وهو لم يمارس مهام منصبه بعد؟ لنكون صرحاء، الإتهام الوحيد الموجه لسيادته هو أنه "مسيحى".
كذلك لماذا لم نسمع عن "الإطاحة" بمحافظين فى ال 28 محافظة الأخر؟. كفانا مغالطات وتبريرا للظلم! أما إنها "إذا وقع الجمل تكتر سكاكينه".
إلى من ينادون بالدولة المدنية والعدالة الإجتماعية هل تقصدون عدالة المسلم للمسلم؟ العدالة الإجتماعية تكون بمبدأ "الرجل المناسب فى المكان المناسب" بغض النظر عن كونه شيعيا أو إمرأة أو قبطيا، وأتمنى أن تكون هذه الواقعة ضربة فى جنب نظام الكوته وتؤدى الى إلغائه.
السؤالا الذى يفرض نفسه فى هذه المناسبة هو: لماذا قبطى واحد محافظا؟
عندما يتعود الشعب أو يرى قبطيا سفيرا لمصر فى السعودية أو أمينا عاما لجامعة الدول العربية أو وزيرا للخارجية وليس "وزير دولة للشؤون الخارجية". وخمس أو سته محافظين وعشرون سفيرا أو سبعة رؤساء جامعة وعشرة عمداء كليات أو ثمانية وزراء ونائب رئيس جمهورية أو حتى رئيس جمهورية وتكون كلها تطبيقا لمبدأ "الرجل المناسب فى المكان المناسب" حينئذ لن يتكرر هذا الموقف الذى إتخذه أهالى"قنا" حتى لو جاءهم محافظا قبطيا فيما بعد لأنه الأنسب ولأسباب معلنة.
الحقيقة المرة أن الدولة مستمرة فى إنماء التعصب الدينى بين طوائف البلاد فتلجأ إلى طلب تدخل السلفيون لحل مشاكل الفتنة الطائفية المتغلغلة فى البلاد كما حدث فى إطفيح وفى قنا والمنيا وأبى قرقاص وعشرات المدن والقرى الأخرى.
الدولة إذ تتبع هذا المنهح إنما تضفى علي السلفيين الشرعية.
يجب تثقيف المواطن المصرى بأن معيار الكفاءه هو الأساس فى التعيين فيعتاد المسلمون بوجود عشرات من غير المسلمين السنيين مثل الشيعة وكذلك المرأة والأقباط حينئذ سوف لا يتكرر ما حدث بقنا.
قال الدكتور لويس عوض (الأقباط متحدون) "أن العفن فى عقولنا وفى حواسنا وفى كتبنا وعلى الجدران وفى الهواء والنيل ذاته قد تعفن"، كلام غاضب مُحبط لكنه حقيقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقك غير مطلوب أي بيانات أو حتى أيميل